دخل عمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أثر الحصير على جسده، وتحت رأسه وسادة من أدمة، وعند رجليه قرض، وعند رأسه إهاب معلقة ، فبكى ، فقال : ما يبكيك يا عمر، فقال : كسرى وقيصر فيما هم فيه، وأنت على حصير، فقال له النبي صلى الله عليه سلم : " أما ترضى أن تكون لهم في الدنيا، ولنا في الآخرة .. أوا في شك يا ابن الخطاب ؟ أولئك عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ". ولذلك إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو على معصية فاعلم أن هذا استدراج ، وإذا رأيت الكافر عنده من متاع الدنيا ما لا يحصى ولا يعد فاعلم أنه قد عجلت له طيباته في الحياة الدنيا، يقول الله تعالى في كتابه الكريم : " إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين " .
يقول ابن الجوزي - رحمه الله - : الدنيا وراءك والآخرة أمامك ، والطلب لما وراءك هزيمة، إنما يعجب بالدنيا من لا فهم له ، خلقت الدنيا لتجوزوها لا لتحوزوها ، ولتعبروها لا لتعمروها ، فلا تفرح بما يأتيك منها فإنك ستحزن عليه عند فقدانه ، وبعد الالتذاذ يكون التأسف، ومن فعل ما شاء لقي ما ساء .
خذ القناعة من دنياك وارض بها واجعل نصيبك منها راحة البدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعهـا هل راح منها بغير القطن والكفن